الحمد لله القائل: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان"، والصلاة على النبي القائل: "كلكم راعي وكلكم مسؤول عن رعيته".. وبعد...،،، لكل مشكلة هناك دوما عشرات الحلول تحتاج -فقط- لقليلٍ من تفكير وقليل] من بحث، ولكن العاجز دوما يختار أسهلها. تقاعست الحكومة وعجزت أن تعاقب عشرات المخربين فعاقبت الملايين.
بالتأكيد أنها ورغم صعوبتها، فإن لهذه الجرعة إيجابية واحدة (كعلاج الـكـــيّ). بالتأكيد سنؤمن أن الجرعة هي حل للخروج من الأزمة الخانقة، ورفع عجز الموازنة العامة، ولكن وبما أن هذه الجرعة لمصلحتنا جميعا فيجب أن "نساهم" فيها جميعا، لا أن تكن كسابقاتها تُحمل بكامل اعبائها على كاهل المواطن المتكسرة كامل ضلوعه.
هنا وفي هذه الأسطر سأضع بعض النقط الهامة -من وجهة نظري بصفتي احد المواطنين المتأثرين من هذه الجرعة- والتي يجب أن يساهم بها الجميع لتحمل أعباء الجرعة فمتى ما رأى المواطن العدالة والمساواة سيرحب بالقرارات والقوانين بكل تأكيد.
أولاً:- مساهمة التجار والمالكين:
1- ضبط الأسعار لكافة المواد الاستهلاكية والكمالية ومنع التجار من استغلال الجرعة والزامهم بعدم تجاوز رفع الأسعار بأكثر من 15%، باستثناء ما يتعلق بشكل كلي على النفط كالمركبات ووسائل المواصلات فتكون 20%، (كما في أنظمة العالم المتقدم)، وإنشاء هيئة لمراقبة ذلك ومنع التلاعب بالأسعار، أما إذا تجاوزت 30% فما الذي قدمه التاجر.
2- بعض دول العالم تعتمد على الضرائب كمصدر رئيسي وأساسي في دخلها القومي، إلا أننا ما زلنا نعاني من فرضها على صغار التجار دون كبارهم. وبالتالي يجب ضبط عملية تحصيل الضرائب ورفد ميزانية الدولة بما لا يقل عن 15% من الناتج المحلي، كبيرهم قبل صغيرهم، مع إمكانية زيادة نسبتها بالذات في المواد غير المرغوبة.
(في بريطانيا كان لديها عجز في الموازنة فقررت رفع ضرائب الدخان والكحول بنسبة 200%، فاستطاعت تغطية العجز من جهة ومن جهة محاربة تجارة هذه المواد)، يمكن رفع ضريبة القات ايضاً. نفس الشيء ينطبق على الواجبات الزكوية وعائدات الجمارك.
ثانياً:- مساهمة كبار المسؤولين وموظفي السلطات العليا:
1- التقشف هو الحل الأول والوحيد لدى بعض الدول لمعالجة العجز في الموازنة، (طبق في أغلب دول أوروبا)، إلا أنه للمسؤولين يجب أن يُطبق قبل المواطنين، فيجب خفض بدلات السفر وحصرها، إيقاف شراء السيارات واسترداد سيارات (العُهد) المصروفة للمتقاعدين والمنقولين، وإيقاف ضخ النفط والغاز تحت أي مبرر، وكذا التخفيف من الحمايات العسكرية غير اللازمة.
2- إلغاء ما يسمى مصلحة شؤون القبائل وكافة الهيئات العبثية وخفض ميزانية بعض المؤسسات الحكومية (والتي تزيد عن احتياجاتها الأساسية).
3- لا يجوز خلط السلطة بالتجارة، التلاعب في المناقصات والضرائب وغيرها أبرز انعكاساتها.
ثالثاً:- مساهمة الدولة، وضبط الفساد المتنوع والمتعدد:
1 - الاستقالة أو الاقالة الجماعية للحكومة الحالية واستبدالها بحكومة كفاءات لا حكومة محاصصة وتقاسم السلطة.
2- القضاء على الازدواج الوظيفي ومسح الأسماء الوهمية من كشوفات الجيش والأمن والضمان الاجتماعي وكافة المؤسسات المدنية، والتي تصل إلى 400 ألف درجة (حسب تقرير وزارة المالية)، واعتمادها درجات وظيفية لمن يستحقونها، بدلا من توقيف التوظيف لمدة أربع سنوات والتي ستخفف بدورها من حجم البطالة.
3- لا مجال للمتنفذين والفاسدين والمهربين بعد اليوم، يجب التحرر من مرحلة الإدانة والتنديد وتعديها بفضح كل من تسول له نفسه أو يعمل الإضرار بالمجتمع والسكينة العامة سواء منفذين أم ممولين وإنزال أقسى العقوبات بهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
4- إنشاء ادارة مستقلة في كل وزارة ومؤسسة حكومية تتبع مباشرة هيئة مكافحة الفساد، لمراقبة ومعالجة الفساد الحاصل داخل أروقة هذه الوزارات والمؤسسات.
5- العمل على تصحيح عقود النفط والغاز، والتي تعتبر من أبشع صفقات الفساد في العالم، اذ كيف يباع النفط للمواطن باليمني بالسعر العالمي، في حين أنه يباع للشركات العالمية بأسعار زهيدة ورمزية!!.
6- المؤسسة الاقتصادية رافد كبير للاقتصاد اليمني تحولت في الفترة الأخيرة إلى عالة على الاقتصاد، يجب اتخاد الخطوات اللازمة والسريعة لدراسة الأسباب وحل مشاكلها وتسليمها للكفاءات وذوي الاختصاص واعادتها إلى واجهة الاقتصاد.
7- أكبر خطر يهدد الاقتصاد المحلي حاليا هو الرشاوي وبيع المناقصات والتي صارت ظاهرة طبيعية وشبه قانونية! يجب العمل على مكافحة هذه الظاهرة الخبيثة، وملاحقة من تثبت ادانته فيها واحالته مباشرة للتحقيق كبيراً كان أو صغيراً.
8- إرساء مبدأ "الشفافية" بالذات فيما يتعلق بالموازنة العامة، وكذا الموازنات الخاصة، إضافة إلى المناقصات ومشتريات الدولة وعائدات الضرائب والجمارك وغيرها من الأمور المالية.
رابعاً:- مساهمة المواطن:
بالتأكيد ستكون الأكبر والأثقل وسيكون المواطن هو أكثر المتضررين من هذه الجرعة ألا إذا تم تعويضه وتوفرت له البدائل التالية:
1- رفع الرواتب لكافة موظفي الدولة بنسبة 100% على الأقل، لا سيما إذا عرفنا ان ميزانية رواتب الموظفين هي 300 مليار ريال سنويا ودعم المشتقات النفطية 680 مليار، بمعنى أنه سيكون هناك وفر وزيادة بمقدار 228%.
2- الأسر المسجلة في الضمان الاجتماعي هي 1.5 مليون اسرة بمعدل 7 مليون فرد تقريبا، يتم رفع ميزانيتها إلى 100% كحد أدنى، وزيادة عدد الأسر التي يشملها صندوق الرعاية الاجتماعية، والاهم هو ضمان تسليم كامل المعونات والمبالغ إلى هذه الأسر دون ذهابها يمينا ويساراً، والتي لا يصل لهم منها إلا الدخان.
3- إنشاء أسواق خاصة في العاصمة وكافة المحافظات للبساطين وتجار العربيات، بعيدة عن الشوارع والفرزات وتنظيمها وتشجيعهم وتسهيل أعمالهم، وكذا وضع خطة لكيفية تحويل هؤلاء من بساطين إلى تجار محليين لرفد الاقتصاد الوطني مستقبلاً.
خامساً.. وأخيراً.. حلول عاجلة لا تحتمل التأجيل والمماطلة:
1- نزع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من كافة ابناء المجتمع اليمني دون النظر إلى فصائلهم وأنواعهم، وبسط نفوذ الدولة وملاحقة المخربين ونشر الأمان في كافة أنحاء البلد.
2- حماية أنابيب النفط وأبراج الكهرباء، وسرعة وضع الحلول اللازمة لمعالجة مشكلة الكهرباء في اليمن بأفضل بدائل واقل تكاليف، فهذه أبرز المشاكل التي أثرت كثيرا على الاستثمار والقطاع الخاص خلال الفترة الماضية.
3- وضع خطط قصيرة وطويلة المدى وآليات عملية للتخلص التدريجي من أذون الخزانة والقروض الدولية، والبدء بتشجيع الصناعات المحلية والزراعة والتصدير والاكتفاء الذاتي.
4- إنشاء لجنة تحوي عددا من الكفاءات والخبراء الاقتصاديين والسياسيين والأكاديميين وتدعيمها بخبرات أجنبية وتطعيمها ببعض الكفاءات الشابة وذلك لدراسة الوضع الحالي في اليمن والوقوف على مشاكله ووضع الحلول العملية لاجتثاثه من مستنقعات الوحل.
5- القطاع الخاص في كافة دول العالم يعتبر رافدا كبيرا للاقتصادات المحلية والوطنية، لذا تجد تشجيعه والاهتمام به من دول العالم المتقدم، حيث يشكل في الولايات المتحدة الأمريكية ما يقارب 97% من ناتج الاقتصاد الأمريكي، بينما في اليمن يعتبر مصدر دخل لموظفي البلديات والضرائب!! يجب العمل على تشجيع القطاع الخاص وتوفير العمل والمناخ المناسب لهم للإبداع ومنافسة الشركات والمؤسسات الأجنبية.
6- وضع آلية معينة للاستفادة من العمالة الأجنبية ونقل خبراتهم لنظيرتها اليمنية، بحيث يتم خلال خطوات عملية مدروسة "يمننة" الوظائف والاعمال والخدمات الاستشارية.
7- تشجيع الاستثمار من خلال تسهيل العمل والخدمات الاستثمارية للمستثمرين وتوفير الأمن والحماية اللازمة لهم، وكذا تشجيع السياحة في اليمن وتطويرها.
8- إنشاء هيئة إعلامية مستقلة لمراقبة وضبط ما يتم نشره في وسائل الإعلام المختلفة وكذا مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما أن أغلب الشعب اليمني صار محللا وإعلاميا وسياسيا وناقداً، هذا النقطة ليس لها علاقة بالاقتصاد ولكنها من أبرز النقاط التي أضرت بالبلاد في الفترة الماضية، فنشر المعلومة تحتاج الكثير من المصداقية والمسؤولية، والحرية لا بد لها من قيود.
فهل لديكم الجرأة لتطبيق ذلك، بشفافية ووضوح!! هنا سنتأكد من صدق نواياكم في عملية الإصلاح. هنا ستكون الجرعة في صالح الشعب، اما ان تكون هذه الجرعة رصاصة الرحمة فلن نرضى بها، ومن المستحيل دوما أن ندفع فواتير فساد الخائنين والمخربين. وفق الله وحفظ من أراد حفظ اليمن وأهلها.