نعم، صنعاء يحكمها الحوثيون، ومحافظات أخرى كذلك، فمِن مَن تسعون لتحريرها؟، الحوثيون ليسوا جيش أبرهة الأشرم الحبشي، وليسوا جيش خلافة آل عثمان، وليسوا جيش باذان الفارسي، وليسوا جيش التاج البريطاني.
الحوثيون سلطة انقلابية، نعم، لكنهم يمنيون، من لحمنا ودمنا، من أبناء مناطقنا، عاداتنا عاداتهم، وأكلنا أكلهم، ولبسنا لبسهم، ولهجتنا لهجتهم، الحوثيون في كل بيت وأسرة يمنية، ليسوا عرقاً أجنبياً، انهم تيار سياسي يمني يميني، لهم اتباع ومريدون ومناصرون وحلفاء سياسيون في كل ركن وكل زاوية وكل أسرة يمنية، واستهدافهم كتيار -وليس كسلطة- يعني ببساطة استهداف مجتمع بأكمله.
تحررون صنعاء من سلطة وتسلط بعض أبنائها، وتستبدلونهم بسلطة من شتى بقاع الأرض، ومن كل المجموعات المسلحة، السياسية منها والارهابية، تحررون صنعاء من يمنيين نختلف معهم، وندعي ظلمهم لنا وجورهم علينا، لكنهم يمنيون.
تحررون صنعاء من أخي وابن عمي ونسيبي وجاري وصديقي، وتستبدلونهم بالشيشاني والارميني والأفغاني والسعودي والبغدادي والسوداني والاماراتي وأبو بصير وأبو قصير، ومن كل بقاع الأرض، جيوش نظامية، ومجموعات سياسية، وحركات إرهابية وداعشية، لا يجمع بينهم أي مشترك ولا يوحدهم مشروع ولا يوالون سلطة واحدة، ولا فكر جامع لهم ولا قائد يضبط تحركاتهم.
تحررون صنعاء من نظام وان جار، وتستبدلونه بلا نظام ولا سلطة، تحررون صنعاء من سلطة ظالمه، وتستبدلونها بفوضى خلاقة كما في سوريا والعراق وأفغانستان وليبيا والصومال وغيرها من البلدان، تحررون صنعاء من سلطة واحدة، وتستبدلونها بسلطات متضاربة متحاربة متقاتلة كما هو الحاصل في عدن اليوم.
دعوا لنا الحوثيين وان جاروا علينا، سنحرر أنفسنا منهم طال الزمن أو قصر، لكن بوسائلنا التي سنعمل على أن لا تنتج الفوضى الخلاقة ولا السلطات المتعددة ولا التحرير الهدام ولا المجموعات الإرهابية.
سنحرر صنعاء وباقي المحافظات دون أن نهدمها على رؤوس ساكنيها، ودون أن نذبح أبناءها ونسلخهم في الشوارع ونعدم الأسرى ونحرق جثثهم ونسحلهم في الشوارع، سنحرر صنعاء دون أن نُعدم أسرة بيت الرميمة كبارها وصغارها، نسائها وأطفالها، سنحرر صنعاء دون أن نستثير الحساسيات المناطقية والمذهبية والسلالية.
سنحرر صنعاء دون أن نُقسمها الى مربعات متقاتلة متناحرة، دون أن نجعل الحرب من طاقة الى طاقة، دوان أن ندمر مبانيها وآثارها ونشوه جمالها.
سنحرر صنعاء من سلطة جارت علينا، لا من كتلة سكانية أصيلة، سنحرر صنعاء وفي نفس الوقت نحافظ على تماسك نسيجها الاجتماعي وتعايش أبناءها الذين ينتمون الى كل مناطق اليمن بقراه وأريافه وسهوله وسواحله وجباله ومختلف مذاهبه وأطيافه السياسية.
سنحرر صنعاء بحرص وحب لأننا من أبناءها، لا نحقد عليها، وليس بيننا وبين أهلها ثأر أو انتقام، هذا هو الفرق بين تحريرنا البناء وتحريركم الهدام، وتجاربكم ماثلة للعيان.